مقالات وبحوث

رحلة حلم .. النداء الأخير لرحلة جازان

بقلم: فاطمة عبدالله الدوسري

ركضت بسرعة نحو بوابة الدخول إلى الطائرة، والحقيقة كانت حقيبة ملابسي الصغيرة تقودني إلى الأمام، تعثرت بخطواتي وسقطت، فتعثرت بها وسقطت عليها، كنا في حالة يرثى لها، نهضت وانهضتها معي، كنت أستحثها للحاق برحلة طالما كانت حلمًا، لمدينة عشقتها قبل أن أراها، ولسان حالي يردد ما قاله بشار بن برد:

يا قَومِ أَذني لِبَعضِ الحَيِّ عاشِقَةٌ

وَالأُذنُ تَعشَقُ قَبلَ العَينِ أَحيانا

قالوا بِمَن لا تَرى تَهذي فَقُلتُ لَهُم

الأُذنُ كَالعَينِ تُؤتي القَلبَ ما كانا

جلست في مقعدي واسترخت روحي على دعاء السفر وصوت رخيم يقرأه.. غفوت وسافرت خلف حلم عائم، مكان يثير الدهشة، نساء ورجال لا يفصل بينهم إلا الاحترام .. المسرح يفرد ذراعيه وسط هالة من نور، شعرت بالرهبة وأنا مقبلة عليه، أفقت على صوت طرق أذني، ويد تهز كتفي.. المضيفة تبتسم:

أربطي الحزام استعداد للهبوط؟

تفر النعسة من عيني، مازالت الطائرة في الفضاء تقترب من الأرض رويدًا رويد ألقي نظرة من النافذة، أنوار كثيرة صافحتني، ومدينة سادرة تسترخي في هدأت الليل على كتف البحر الذي وشوشها بهدوء.. وهو يشير نحوي بموجة عالية ويخبرها ..: انظري..

تلك الزهرة البرية اعتادت على الجفاف إلا من فيض مطر.. ترفقي بها.. هي ضيفة على مائدة عامرة بكل ما لذ وطاب من فنون العلم والأدب وسخاء الفكر واللغة .. كنت أشعر بالوجل.. لكن لازمني الهدوء بعدها.

وها أنا أفرد أوراقي وحكاياتي التي لا تضاهي كرمكم ..فاقبلوا هديتي المتواضعة، وفي الواقع تلفني الآن السكينة والهدوء، لأنني أكن المحبة لهذه القلوب، والمحبة انعكاس.

زر الذهاب إلى الأعلى