رحيل السعودي إبراهيم القاضي “أبو المسرح الهندي”

نعت الأوساط الفنية المخرج المسرحي الهندي (سعودي الأصل)، إبراهيم حمد علي القاضي، الذي وافته المنية يوم أمس في الهند عن عمر يناهز 95 عامًا، بعد مسيرة مليئة بالإنجازات الفنية في الهند وستكون الصلاة والدفن في مومباي.
وكان وزير الثقافة السعودي، الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، قد أعلن في “مايو” من نيودلهي عن تأسيس “كرسي إبراهيم القاضي”، احتفاءً وتقديراً لإسهامات الفنان إبراهيم القاضي الفنية والإبداعية، والذي يعد أحد أهم رواد المسرح في الهند، إذ تبوأ مكانةً عالية في المشهد الفني الهندي.

وقال وزير الثقافة السعودي إن “الأعمال الرائدة التي قدمها إبراهيم القاضي فتحت آفاقاً واسعة في مجالات المسرح والفنون في دولة الهند، وأنجبت جيلاً مميزاً من الفنانين”، مضيفاً أن “القيم الشخصية التي حققها الفنان في المشهد الفني الهندي، إضافةً إلى التزامه المستمر في تعليم الآخرين وتنمية مهاراتهم الثقافية، تجد تقديراً بالغاً في المملكة العربية السعودية”.
وأكد وزير الثقافة أن الوزارة لا تتوانى عن تكريم الفنانين والمبدعين بما يحقق التبادل الثقافي والفني، ويثري الساحة الثقافية والفنية، سواء محلياً أودولياً، فالفنان إبراهيم القاضي رمز للشراكة الثقافية بين السعودية والهند.
ولد القاضي لأب سعودي، ويعد أحد أهم رواد المسرح الهندي، فقد حققت أبحاثه الأكاديمية نتائج عملية انعكس صداها في مجال التصميم والإخراج المسرحي.
يذكر أن إبراهيم القاضي التحق بالأكاديمية الملكية المرموقة لفنون الدراما، وأنتج بعدها أكثر من 50 مسرحية، ومُنح العديد من الجوائز، منها “جائزة بادما” ثلاث مرات، وجائزة هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”.


عمل القاضي مديراً للمدرسة الوطنية للدراما في نيودلهي لمدة 15 عاماً، ثم أسس “مؤسسة القاضي” في عام 2006 التي تعنى بدراسة تاريخ الثقافةالهندية والحفاظ على إرثها. وحاز على جائزة “أكاديمية سانجيت ناتاك” مرتين، وهي أكاديمية وطنية هندية تعنى بالموسيقى والرقص والدراما، حيث حاز على الجائزة في المرة الأولى عن فئة العمل الإخراجي في العام 1962، ثم نال في المرة الثانية الجائزة الأهم التي تقدمها الأكاديمية، وهي جائزة”الزمالة”، وذلك عن مساهمته على مدى حياته في خدمة المسرح والعمل من أجله.
وفي دراسة للدكتور محمد مدسّر قومار، صادرة عن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية تطرق خلالها إلى التجارة بين الهند والسعودية، قال: “تزوج كثير من التجار الذين سافروا إلى الهند من العوائل الهندية واستقروا فيها، وحصلوا على الجنسية الهندية بعدما حصلت على استقلالها”.
وتعتبر عائلة إبراهيم القاضي، عميد المسرح، أبرز مثال لعائلة من أصول سعودية، إذ كان والده تاجراً من مدينة عنيزة بالقصيم، واستقر مدة قصيرة في الهند حيث ولد إبراهيم.
وقد كان للقاضي الفضل الأكبر في إحداث نقلة تاريخية في التراث الفني للهند، تأتّى ذلك من مزيج الثقافات التي اطلع عليها ودرسها وقطف أينع ثمارها عائدًا بها للهند كالإنجليزية واليونانية. وقد كانت للثقافة العربية الحظ الأوفى، إذ تعلّم القاضي اللغة العربية، بالإضافة إلى العلوم الإسلامية على يد معلّم عربي عاش في منزلهم في مدينة بونا في الهند. كما عكف على قراءة الكتب العربية من مكتبة والده يتدارسها ويختار منها ما يمكن ترجمته لأعمال مسرحية تناسب الثقافة الهندية.
وتم منح القاضي وسام “بادما فيبوشان” عام 2010م، وهو ثاني أعلى وسام مدني تمنحه الحكومة الهندية، وجائزة فارس الفنون والكتابة من السفارة الفرنسية.
يُذكر أن إدارة مهرجان أفلام السعودية قد قامت بمنح القاضي جائزة النخلة الذهبية التي تقدم لشخصية المهرجان في دورته الثانية عام 2015م، كما قامت بإصدار كتاب وفيلم وثائقي لحياته الفنية تحت عنوان “إبراهيم القاضي.. جسرٌ بين ثقافتين”.
القاضي نعاه الكثير من الأدباء والمثقفين، حيث كتب الدكتور عبدالله المدني: “رحم الله الرجل الأسطورة الأب الروحي للمسرح الهندي ابن عنيزة إبراهيم الحمد القاضي، الذي رحل في بومباي التي عاش ودرس وتوفي فيها، تاركاً اروع البصمات وأرفع الأعمال الفنية وأجمل الذكريات”.
وكتب الصحافي قصي البدران: “خالص العزاء والمواساة لأسرة القاضي بوفاة المخرج السينمائي الهندي ابن عنيزة إبراهيم حمد القاضي في مومباي، ويعد أبو المسرح الهندي”، ومن أبرز رواد الإخراج السينمائي ومؤسس الفنون ورائد الإنتاج المسرحي في الهند، وسبق أن كرّم قبل 4 سنوات في مهرجان السينما في الدمام رحمه الله”.
المصدر: العربية نت